أبو الرياحان البيروني ُ
عاش 78سنة مُكباً على تحصيل العلوم
منصباً إلى تصنيف الكتب
يفتح أبوابها ،ويحطُ بشواكلها وأقر بِها
يعني:بغوامضها وجلياتها
ولايكاد يفارق يده القلم ،وعينه النظر ،وقلبه الفكر
إلافيما تمسُ إليه الحاجة في المعاش
من بُلغة الطعام ،علقةِالرياش
وهذا دَيدنُهُ في سائر الأيام
من السنة:علمٌ يُسفُرُعن وجهه قناع الإشكال،
ويحسر عن ذراعية أكمال الإغلاق .
*حدَث الفقيه أبو الحسن عليُ بن عيسى قال :
دخلتُ على أبي الريحان وهو يجود بنفسهِ _
اى وهو نزعِ الروح قارب الموت_قد حشرجت نفسهُ
وضاق بها صدره
فقال لي في تلك الحال:
كيف قلت لي يوماً حساب الجدات الفاسدة؟ اى الميراث
وهي التى تكون من قبل الأم
فقلت له إشفاقاً عليه :أفي هذه الحالةِ؟
قال لي :ياهذا ،أودَعُ الدنيا وأنا عالمٌ بهذه المسألة
ألا يكون خيراً من أن أخليها وأنا جاهلٌ بها ؟!
فأعدتُ ذلك عليه،وحفظ وعلمني ماوعد
وخرجتُ من عنده فسمعت الصراخ!!
إنها الهمم التي تجتاحُ ركام المخاوف .
*والفاروق عمر في سكرات الموت يثعب جرحه دماً
ويسأل الصحابة :هل أكمل صلاته أم لا؟!.
*وسعد بن الربيع( في أحد)مضجر بدمائه
وهو يسأل في آخر رمقٍ عن الرسول صلى الله عليه وسلم
إنها ثابتةُ الجأش
وعمارُ القلب !
وقفت مافي الموت شك لواقف
كأنك في جفن الردى وهو نائمُ
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة
ووجهك وضاح وثغرك باسمُ
*قال إبراهيم بن الجراح :مرض ابو يوسف فأتيته أعوده
فوجدته مُغمي عليه فلما افاق قال لي :ماتقول في مسألة ؟
قلت:في مثل هذه الحال ؟!
قال لابأس ندرس بذلك لعله ينجو به ناجٍ.
ثم قال :ياأبرهيم ،أيما أفضل في رمي الجمار :
أن يرميها الرجلُ ماشياً او راكباً ؟
قلت :راكباً ، قال أخطأت
قلت ماشياً ، قال :أخطأت
قلت أيهما أفضل ؟
قال :ما كان يوقف عنده فالأفضل أن يرميه ماشياً
وأما ماكان لايوقف عنده فالأفضل ان يرميه راكباً
ثم قمت من عنده فما بلغت باب داره
حتى سمعت الصراخ عليه وإذا هو قد مات .رحمة الله عليه
*قال احد الكتاب المعاصرين :هكذا كانوا!!
الموت جاثم على رأس أحدهم بكُربهِ وغُصصهِ
والحشرجةُ تشتد في نفسه وصدره
والإغماء والغشيان محيط به فإذا صحا او أفاق من غشيته لحظات
تساءل عن بعض مسائل العلم الفرعية او المندوبة
ليتعلمها اوليعلمها وهو في تلك الحال
التي أخذ فيها الموت منه الأنفاس والتلاليب.
في موقف نسي الحليم سدادهُ
ويطيش فيه النابهُ البيطارُ
ياالله ماأغلى العلم على قلوبهم !!
وما أشغل خواطرهم وعقولهم به!!
حتى في ساعة النزع والموت
لم يتذكروا فيها زوجةً اوولداً
وإنما تذكروا العلم!!!
فرحمة الله تعالى عليهم فبهذا صاروا أئمة في العلم والدين.
*فهل نتعلم شيئاً من قوتهم
التي حافظوا عليها حتى وهم في سكرات الموت